الجمعة، 20 مارس 2009

ألم عاق .. وحياة عمي المـــ ( عاق ) .!!


ألم عاق وحياة عمي .. المـــــ(عاق) !!
لا زوجة .. لا ولد .. لا قدرة .. لا قوة .. لا غنى .. لا إخوة .. لا نشاط .. لا قراءة .. لا علم .. لا عمل .. لا شباب .. لا حركة .. لا فسحة .. إعاقة دائمة .. وجلوس مستمر .. ووحدة ملازمة .. وصمت متواصل ..العظام بالية .. والأسنان تالفة .. والعيون خافته .. والشعرات بيضاء .. والأوجاع تحاصره من كل جانب .. والهواجيس تداهمه .. والأحلام تخيفه .. تذكره بماضيه المبكي .. وبعالمه المحزن .. وبغربته التي هي أكثر من نصف عمره ..النوم عنده صعب .. والراحة تعب .. والسكوت حديثه .. والوحدة زحمة غرفته .. كثيرا ما أره واضعا يده على خذه كأنه ينتظر ملك الموت .. ويرتقب حضوره ..عاش زمانه مع الدواب .. وقضى لحظاته في الأغنام ما بين ذهاب وإياب .. فحياته عذاب .. وأيامه سراب .. حتى الشعر منه شاب .. فلم يستمتع بالشباب .. ولم يقرأ ولو كتاب !! .. ولم يدرس مع الطلاب.. وحيد في حياته ..لا أنيس ولا ونيس .. لا صديق ولا جليس .. بين أربعة جدران .. بسقفها ( الزنكي ) .. وبابها الحديدي .. نوره شمس ربي .. فإذا غربت عنه أظلمت غرفته .. فيعسر عليه أن يشغل النور .. ولا تساعده قواه لتعطير غرفته بالبخور .. ولا يستطيع قضاء حاجته وهو مستوروحيد في حياته ..الدمعة تحبسه.. والقصيدة تُجلسه .. والذكريات تُؤنسه .. والهموم تحرسه .. والغطاء يطمسه .. والإعاقة تخنق تنفسه ..وحيد في حباته ..عمره جاوز الثمانين .. ومواقفه تعد بالملايين .. وبعض أقاربه لم يراه منذ سنين .. فلم يحسنوا عليه .. ولم يجلسوا بين يديه .. ولم يزوروه حتى في عيدية ..وحيد في حياته ..ينام ويرقد وهو لا يعلم أين الليل ومتى فارق النهار .. وإذا سمع الصوت فلا يميز بين صوت الأنثى ولا حنجرة الرجل .. وإذا جاع وللطعام احتاج أخذ يصيح بصياح يسبق الفوت .. وكأنه في سكرات الموت .. ويردد بلسانه الناشف .. ما تغديت ما تعشيت ..وحيد في حياته ..معاق لا يستطيع الحراك .. إلا زحفا بعراك .. حاجته يقضيها بصعوبة .. ويفعلها ربما وهو على ثوبه ..وحيد في حياته ..لا يشتكي همه .. ولا يحكي غمه .. ولا يدري ما الذي ألمه ..
حياته لو كتبت رواية لأبكت متصفحيها .. ولو اختصرت بعبارة لأبكت ناظريها .. ولو رسمت بصورة لأبكت متأمليها .. ولو جمعت بقنبلة لفجرت صانعيها ..
.. كم في مجتمعاتنا من معاق .. يعاني من عقوقنا ..عمي .. معذرة

ليست هناك تعليقات: